الفيزيائيون و الثقب الأسود
إن اندماج الفيزياء في نظرية المعلومات يأتي من الفكرة الجوهرية للميكانيك الكمومي وهي: أن الطبيعة هي، في نهاية المطاف، متقطعة discrete</SPAN>. فمن الممكن وصف منظومة فيزيائية ما باستخدام عدد محدود من البتات. وكل جسيم في المنظومة يتصرف كبوابة منطقية في الحاسوب. ذلك أنه ليس لمحور سبين spin</SPAN> الجسيم سوى اتجاهين ممكنين، وهذا يعني أن حالة السبين توصف ببتة واحدة وأن تغيير اتجاه سبين الجسيم يكافئ عملية عددية تجرى على البتة (تحويلها من 0 إلى 1 أو من 1 إلى 0).
وكذلك فإن المنظومة متقطعة في الزمن أيضا: فلا بد من حد أدنى من الزمن لكي تنقلب بتة. ويُعْطَى هذا الزمن بمبرهنة تُنسب إلى رائدين من رواد علم فيزياء معالجة المعلومات هما: < N</SPAN>. ماگولوس> [من معهد ماساتشوستس للتقانة] و< L</SPAN>. ليڤيتين> [من جامعة بوسطن]. ولهذه المبرهنة صلة بمبدأ الارتياب لِ«هايزنبرگ» الذي يحدد عدم الدقة الذي لا مفر منه لدى قياس أزواج معينة من المقادير الفيزيائية مثل الموضع والاندفاع أو الزمن والطاقة. وحسب هذه المبرهنة فإن الزمن t</SPAN> اللازم لقلب البتة يعتمد على مقدار الطاقة اللازمة . E</SPAN> فكلما ازدادت الطاقة E</SPAN> قَصُر الزمن. ونعبّر عن هذه القاعدة بالمتراجحة: t</SPAN> ≥ h</SPAN>/4 E</SPAN>، حيث h</SPAN> هو ثابت پلانك (وهو ثابت أساسي في الميكانيك الكمومي يساوي تقريبا 6,626 x</SPAN> 10 -34</SUP> J</SPAN>.s).
الثقب الأسود حاسوب: فكرة تبدو غير معقولة، لكن لدى النظريين بعض الحجج حول صحتها. فلو تمكن الفيزيائيون من تكوين ثقوب سوداء صغيرة في مسرّعات الجسيمات ـ يتنبأ البعض بأن هذا سيكون ممكنا خلال عقد من الزمن ـ فسيرونها بالفعل تُجري ما يكافئ الحوسبة. |
من الممكن استخلاص عدد هائل من النتائج من هذه المبرهنة: من الحدود المفروضة على هندسة الزمكان إلى السعة الحاسوبية للكون ككل. لننظر أولا في القدرة الحاسوبية العظمى التي يمكن الحصول عليها من كيلوغرام واحد من مادة عادية يشغل حيزا قدره لتر واحد. نسمي هذا الجهاز الحاسوب المحمول النهائي ultimate laptop</SPAN>.
إن مصدر طاقة هذا الجهاز هو المادة نفسها المتضمنة فيه والتي تكافئ بموجب معادلة آينشتاين الشهيرة طاقة قدرها E</SPAN> = mc</SPAN> 2</SUP>. وإذا تم استثمار هذه الطاقة في عملية قلب البتات، فإن هذا الحاسوب يستطيع إجراء 10 51</SUP> عملية في الثانية الواحدة. ويتناقص هذا المعدل تدريجيا مع تناقص الطاقة واستنفادها. ومن الممكن حساب سعة ذاكرة هذا الجهاز باستخدام قوانين الترموديناميك. فعندما يتحول كيلوغرام واحد من المادة إلى طاقة في حيز قدره لتر واحد تصبح درجة حرارته بليون كلڤن. وأنتروپية هذه المنظومة التي تتناسب مع الطاقة مقسومة على درجة الحرارة، تكافئ 10 31</SUP> بتة من المعلومات. وهذا الحاسوب المحمول النهائي يستخدم كل بتة تسمح بها قوانين الترموديناميك علما بأن المعلومات مخزّنة في سرعات جسيماته ومواضعها.
وكلما تآثرت الجسيمات تسببت في انقلاب بتة واحدة. وتستطيع كل بتة أن تنقلب بمعدل 10 20</SUP> مرة في الثانية، وهذا يعادل ميقاتية (ساعة) تعمل بسرعة 100 بليون جيگاهرتز. وفي الواقع، فإن منظومة كهذه أسرع من أن تتحكم فيها ساعة مركزية لأن الزمن الذي يستغرقه انقلاب البتة يساوي تقريبا الزمن اللازم لانتقال إشارة كهرمغنطيسية من إحدى البتات إلى بتة أخرى مجاورة. ومن ثم فإن الحاسوب المحمول النهائي يعمل بأسلوب التوازي بامتياز: فهو لا يعمل كمعالج منفرد وإنما كمجموعة كبيرة من المعالجات يعمل كل منها بصورة مستقلة تقريبا وتتواصل مع الأخرى ببطء نسبي.
</STRONG>
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
حــــــيـــاكم اللـــه
</STRONG>
</STRONG>